أنا الموقع أدناه،
لبناني منذ الولادة، ولست فخوراً بذلك، لأن جنسيتي هذه ليست إضافة تميزني عن غيري من ناس على سطح الأرض. وبالطبع هناك العديد من الجنسيات التي يحلم الواحد لو ولد لها، واللبنانية ليست منها.
لا أجد نفسي مضطراً للإعتذار من الفلسطينيين عما بدر عن أي لبناني من تطرف وعنصرية وفوقية في الآونة الأخيرة، لأنني لست ناطقاً باسم غيري من اللبنانيين، ولأن رايهم لا يلزمني،
غير أنني أجدني مضطراً للتعبير عن رأيي.. نكاية بهؤلاء اللبنانيين تحديداً.
أعلن رفضي الهائل لكل لبناني يلقي باللوم على الفلسطينيين في أحداث نهر البارد، ويتذكر أن كل "مصائبنا" أتت منهم. ويتذكر أن طريق فلسطين تمر من جونيه وأن المؤامرة كانت تقضي بجعل جنوب لبنان دولة فلسطينية. وينسى المذبحة. وينسى حصار المخيمات، وينسى التهميش المذل الذي إرتكبه لبنان بحق الفلسطينيين منذ أول التسعينات وحتى اليوم، ان لم يكن من قبل.
أعلن سخريتي الشديدة، من اللبنانيين الخائفين من التوطين وهم انفسهم يبحثون عن اي بلد يهربون اليه من هذا الجنون السياسي والامني الذي يعيشونه. واسخر من اتهام الفلسطيني بالطمع ببضعة كيلومترات تطبق على عنقه، وبجنسية لن تفيده الا بأن يصير قادراً على انتخاب وجوه في هذه الطبقة السياسية اللبنانية، والسفر الى سوريا، والخروج في تظاهرات مليونية من اجل شتم الخصوم ببذاءة، والحلم بالهجرة الى العالم المتحضر، والتفاخر من هناك بالجذور والهوية.
واعلن أن الضيافة التي قمنا ونقوم بها، منذ العام 1948، هي في معظمها ضيافة غير لائقة، وتفتقر الى الحد الأدنى من الذوق "اللبناني". وإن كان الفلسطيني قد أخطأ في حق الضيافة، فقد دفع الثمن مراراً وتكراراً، ولم يعد هناك من داع لتذكيره كل صباح بأنه ضيف وبأنه أخطأ، هو الذي يصر أنه ضيف وأنه أخطأ. وهو قبلنا، يبحث عن خلاص من هذا الشكل المقيت من اشكال الضيافة.
وأعلن غثياني الهائل وقرفي المطلق من كل لبناني عادي، أو سياسي، أفرغ ما في جعبته من عنصرية، فقرر وهو في بيته أن يرمي الفلسطينيين في البحر أو أن يسحق مخيماتهم فوق رؤوسهم. وأشير باصبعي الى عقدة النقص النفسية المخيفة التي جعلت أي لبناني يشعر بالغرور والزهو لأن الخصم هذه المرة ضعيف، فنصب نفسه قائداً عسكرياً صارخاً بالجيش: هجوم، من دون أن يلتفت الى روح مدني فلسطيني أو عسكري لبناني. وقرر ألا تأخذه رأفة، وقرر أن الواحد بألف بدلا من عشرة. ولم يميز بين فلسطيني وبين فتح اسلامي، وأقرّ معادلة مسطحة مثله رماها في وجه اللبنانيين: إما أنك مع الجيش اللبناني أو مع فتح الاسلام. ولم ينتبه الى أن هذا الجيش نفسه هو الذي وقف فاصلا بينه وبين خصمه اللبناني في شوارع بيروت والمناطق، فجُرح عناصره بالحجارة المتبادلة بين الطرفين اللبنانيين، ولو أن الامور تطورت، لنعى الجيش اللبناني شهداء له سقطوا بتبادل نيران لبنانية. ولما نطق الفخور بكلمة حينها. هذا الجيش الذي بات حسن الحظ الوحيد للبنان يقف اليوم حائلاً بين الفلسطيني المنهك وبين هستيريا لبنانية هائجة تشبه خروج الجيش الاميركي بقرنيه الى بلاد الكوكب متعطشاً لدم يروي إنتقامه. وفي قلب غيمة البخار التي صعدت الى رأس اللبناني بات يقف فوق بحر دم العدو حاملاً سيفا وترساً.. بطلاً اسطورياً في مسرحية هزلية.
أنا الموقع أدناه،
لبناني منذ الولادة. لست فخوراً بذلك أصلاً. غير انني لست خجلاً بجنسيتي لأنه لا يعنيني من يشاركني حملها من العنصريين المتطرفين. يعنيني فقط أن لبنانيين آخرين يشاركونني رأيي. هذا يكفي.
جهاد بزي
* عن صحيفة السفير اللبنانية / صفحة شباب - عدد 6/6/2007
No comments:
Post a Comment