جاؤوا من رام الله إلى بيروت.
كانت زيارتهم الأولى لبلد «البحر جار الجبل». راحوا يلهون في أرجائه كالأطفال كأنهم نسوا أنفسهم خارج الزمن.
«شو بدنا نكزّب لما نرجع عَ فلسطين؟» صرخت فتاة منهم، وتلهّت مع الآخرين بتأليف روايات صغيرة عن زيارتهم للبنان، يغيظون بها أصحابهم حين يلقونهم في رام الله.
«نرجع عَ فلسطين؟».
لم تمر تلك العبارة يوما إلاّ مصحوبة بلهفة وأمل. لم نقلها يوما ونحن نعلم أن ساعات قليلة تفصلنا عن العودة. قالتها تلك الصبية بملء الثقة. قالتها بسهولة ومن دون تفكير. غنّتها بمرح تام وأرفقتها بفعل الكذب الأبيض. لم تنتبه أن في بيروت من يحلم بالعودة إلى فلسطين غير مقرونة بكذبة، مهما كان لونها.
قالت «نرجع عَ فلسطين» وراحت تجمع أصدافا عن شاطئ المتوسط.
***
قالت لي مازحة: «يوم عدنا إلى فلسطين بعد أوسلو، أطلق علينا اسم «العائدين». غدا عندما تعودون إلى فلسطين سنطلق عليكم تسمية أخرى». وضحكتْ مطولاً.
كان البحر شديد الزرقة.
***
عبر شاشة الكمبيوتر، أوصاني بقنينة من مياه البحر. جمع ماء من كل بحار العالم ليصبها كلها في وعاء واحد ويصنع بحراً لرام الله. عما قريب سيعرض «بحره» الصغير عملاً فنياً بعنوان «بكجة بحر».
أملأ قنينة صغيرة من أمواج شاطئ صيدا وأضعها في حقيبة المسافرين إلى الضفة.
للمناسبة، صاحب العمل البحري هذا اسمه عايد. عايد عرفة.
***
«هنّي بيقدروا يرجعوا على فلسطين. بس كيف بيرجعوا؟ من بيروت إلى عمّان، فجسر، فاحتلال، إلى أن يصلوا إلى «دولة ما إلها بحر».
هكذا وصفها صديقي الذي يعيش هناك.
لن أعود إلى وطن بلا بحر. سأنتظر أن يعود البحر أولا إلى فلسطين.
السفير - صفحة شباب
الاربعاء 06-10-2010
http://shabab.assafir.com
5 comments:
جيد
جيد
جيد
جيد
جيد
Post a Comment